الابتكار يبدأ من العملية، لا من الفكرة
هل تعرف أن الابتكار لا يبدأ بالفكرة بل بالعملية التي تجعلها ممكنة؟ كثير من المؤسسات والشركات تنتج أفكارًا رائعة لكنها تفشل في تحويلها إلى واقع بسبب نقص النظام والعمليات المنظمة. في هذا المقال، نستعرض كيف يمكن تحويل الأفكار إلى إنجازات ملموسة من خلال تصميم العمليات، تنظيم الفرق، وتطوير الهياكل الداعمة للابتكار. تعرف على طرق حماية أفكارك، تعزيز الإنتاجية، وبناء بيئة عمل مبتكرة ومستدامة..
التوجيه المهني والمسار الوظيفي – نصائح حول الكوتشينغ المهني، استراتيجيات العمل والنمو الوظيفي.
Salah Abdeldayem
4/6/2025
قد يبدو هذا القول غريبًا للوهلة الأولى: "الابتكار يبدأ من العملية التي تجعل الفكرة ممكنة، وليس من الفكرة نفسها."
فالجميع يعرف أن الفكرة هي نقطة البداية لكل ابتكار؛ هي مصدر الإلهام والحركة والدافع. ومع ذلك، تظهر التجربة العملية أن الأفكار وحدها لا تُحدث فرقًا. فهي غالبًا تبقى حبيسة دفاتر الملاحظات، العروض التقديمية، أو مخططات ذهنية. ليس لأنها سيئة، بل لأنها تفتقر إلى الطريق الواضح لتنفيذها.
الابتكار لا يحدث لحظة الإلهام، بل في رحلة تحويل الفكرة إلى واقع ملموس. هنا يظهر الفرق الحقيقي بين المؤسسات: ليس بين المبدعين وغير المبدعين، بل بين من يعرفون كيفية تنفيذ الأفكار بطريقة منهجية ومن لا يعرفون ذلك.
الابتكار يبدأ من العملية التي تجعل الفكرة ممكنة، وليس من الفكرة نفسها. قد يبدو هذا القول غريبًا للوهلة الأولى، فالجميع يعرف أن الفكرة هي مصدر الإلهام والحركة والدافع. ومع ذلك، تظهر التجربة العملية أن الأفكار وحدها لا تُحدث فرقًا. فهي غالبًا تبقى حبيسة دفاتر الملاحظات أو العروض التقديمية أو المخططات الذهنية، ليس لأنها سيئة، بل لأنها تفتقر إلى الطريق الواضح لتنفيذها. الابتكار لا يحدث لحظة الإلهام، بل في رحلة تحويل الفكرة إلى واقع ملموس. هنا يظهر الفرق الحقيقي بين المؤسسات: ليس بين المبدعين وغير المبدعين، بل بين من يعرفون كيفية تنفيذ الأفكار بطريقة منهجية ومن لا يعرفون ذلك.
في علم النفس يُعرف ما نسميه بتحيز المثالية: نحن نميل إلى تقدير قيمة الأفكار أكثر من اللازم وفي نفس الوقت نقلل من صعوبة تنفيذها. عندما تظهر فكرة جديدة، نشعر بالتحفيز وينبعث شعور بالنشاط والطاقة، ويؤدي ذلك إلى إفراز الدوبامين في الدماغ كنظام مكافأة قصير المدى. لكن سرعان ما تتبخر الحماسة عندما تظهر الأسئلة العملية: من سينفذ؟ كيف؟ بأي موارد؟ ومتى؟ بدون وجود هيكل واضح ودعم منظم تتحول الحماسة إلى شك، والشك إلى إحباط، والإحباط إلى ركود.
أظهرت أبحاث القيادة الحديثة أن الناس يحتاجون إلى التوجيه والهيكل ليظلوا منتجين على المدى الطويل. وجود عملية واضحة ليس عائقًا للإبداع، بل شرطه الأساسي. في بيئة عمل بلا عمليات محددة لا يوجد مساحة للأفكار الجديدة، بل فوضى. بدون تنظيم الأدوار والمسارات واتخاذ القرار، تضيع المبادرات وتضيع الطاقة الثمينة، ليس بسبب فشل الأفراد، بل بسبب نقص الهياكل الداعمة. هذا لا ينطبق فقط على الشركات الكبرى، بل أيضًا على الشركات الناشئة. فرق العمل الشابة مليئة بالأفكار والحماس، لكن غياب العمليات الواضحة غالبًا يؤدي إلى الإرهاق والفوضى.
العملية المنظمة تعمل كشبكة أمان نفسية تقلل شعور الموظفين بعدم اليقين، وتمنح الفرق مساحة للإبداع دون ضياع الجهد، وتعطي القادة القدرة على التحكم دون الدخول في الإدارة الدقيقة، وتبني الثقة بين الأفراد وبين النظام نفسه. الرسالة الأساسية هنا هي أن المؤسسات لا تفشل بسبب نقص الأفكار، بل بسبب نقص العمليات التي تجعل الأفكار قابلة للتطبيق. لتحويل فكرة إلى منتج أو خدمة أو نموذج عمل جديد، تحتاج إلى طرق لتسجيل الأفكار وتقييمها، وتحويلها إلى خطوات عملية واضحة، وتحديد الموارد والمسؤوليات، وقياس النتائج بشكل منتظم.
الكثير من رواد الأعمال يعتقدون أن الابتكار يعني العثور على "الشيء الكبير القادم"، لكن الواقع أن الاختراقات الحقيقية ناتجة عن الالتزام بالعمليات والانضباط المستمر. الابتكار لا يظهر فجأة، بل يُصنع من خلال وضوح الرؤية والنظام والانضباط. الشركات التي تفهم هذا تستثمر في تصميم العمليات وليس فقط في ورش الإبداع، حيث تقوم برقمنة العمليات، وأتمتة الروتين، ودمج الأدوات ضمن نظام شامل، وتخلق الشفافية لاتخاذ قرارات مبنية على البيانات، وتجعل الابتكار ليس مجرد احتمال بل خطة قابلة للتنفيذ.
لقد حان الوقت لإعادة تعريف الابتكار: الابتكار يبدأ بالعملية التي تجعل الفكرة ممكنة، وليس الفكرة نفسها. من يريد أن يكون مبتكرًا حقًا، يجب أن يضمن أن أفكاره تهبط في نظام واضح يحميها ويدعمها ويحوّلها إلى واقع ملموس. حينها فقط تتحول الإلهامات إلى إنجازات حقيقية، ويصبح الابتكار أكثر من مجرد كلمة، بل محركًا للتغيير الفعلي.
© 2025 صلاح عبد الدايم. جميع الحقوق محفوظة. جميع المحتويات بما فيها المقالات، الكتب، والنصوص على هذا الموقع محمية بحقوق الطبع والنشر ولا يجوز نسخها أو إعادة نشرها دون إذن كتابي مسبق.
